بعيداً عن أي معايير عسكرية وحسابات إستراتيجية تقليدية، ودونما الخوض في ملف التنبؤات المتعلقة بنتائج المعركة الضروس الحالية التي تخوضها المقاومة في لبنان وفلسطين ضد العدو الصهيوني؛ فإن هناك حقيقةً ساطعةً يجب الاعتراف بها، وأَثْبَتَتْها تطورات الأيام الأربعة الأخيرة في لبنان والشهور الماضية في فلسطين، وهي أنَّ المقاومة استطاعت تحقيق ما يُطلِق عليه خبراءُ العلوم العسكرية والإستراتيجية العامة اسم "المفاجأة الإستراتيجية"، وهو قولٌ ينطبق على حزب الله، في ظل النجاحات المتواصلة التي يحققها بشكل مستمر على جبهة القتال الجديدة / القديمة في جنوب لبنان.
وبعيداً عن اعتبارات الحماسة التي تُمليها الانتماءات العربية والإسلامية المشتركة مع حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية حماس، وغيرهما من فصائل وقوى المقاومة العربية والإسلامية في فلسطين ولبنان، فإنه بالفعل وعلى أي مقياس عسكري بمستوييه التكتيكي والإستراتيجي فإن حزب الله وحماس وألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري لكتائب المقاومة الشعبية، وغيرها من فصائل المقاومة وكتائبها، استطاعت تحقيق هذه المفاجأة التي ارتبطت بعامل آخر شديد الأهمية، استطاع حزب الله بالذات تحقيقه، نظراً لاختلاف ظروفه السياسية والإستراتيجية العامة والممكنات المتاحة له عن باقي فصائل المقاومة الفلسطينية، وهو عامل الردع.
وبوجه عام استطاع حزب الله اللبناني في الحرب الدائرة رحاها الآن في لبنان وداخل عمق الكيان الصهيوني كسْر العديد من المعادلات العسكرية والسياسية التقليدية، التي كانت بمثابة ثوابت في الشرق الأوسط، مع خلق بدائل مبتكرة لها على مستويات مُتَعَدِّدة.