منتديات الإمام علي الرضا (ع)
منتديات الإمام علي الرضا (ع)
منتديات الإمام علي الرضا (ع)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالخميس أبريل 03, 2008 6:00 pm

للبكاء على مصيبة أبي عبدالله ثواب كبير وقد بكت الملائكة والأنبياء، والأرض، والسماء، والحيوانات، والصحراء، والبحر على تلك المصيبة
ومن علامة الشيعة أنهم: ((يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا))
وطبقاً للحديث الوارد عن رسول الله صلّى الله عليه و آله أنّه قال ((:أنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا))
و هنا، نقدم للأعضاء الكرام مجموعة حصرية للمجالس العاشورائية

كاملة
بالصلوات على محمد و آل محمد
سلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالخميس أبريل 03, 2008 6:02 pm

المجلس الأول:

لمّا ولد الحسين كفلته أُم سلمة
بقيت أمّ سلمة من بعد وفاة الرسول، من محبي أهل البيت ثم صارت فيما بعد ذلك من أشد المعارضين لمعاوية، وبعثت إليه كتابا عابت عليه فيه سبّه لأمير المؤمنين عليه السلام. وكانت هذه المرأة الجليلة من رواة حديث رسول الله.
قبل أن يتوجه الحسين بن علي إلى كربلاء أودعها عَلَم وسلاح النبي وودائع الإمامة لكي لا تضيع وكانت المطالبة بها دليل الإمامة وقد سلّمتها للإمام السجاد عليه السلام، وهذا أنصع دليل على رفعة مكانتها عند أهل البيت.
كان لدى أم سلمة اطّلاع مسبق من رسول الله صلى عليه وآله عن واقعة كربلاء؛ إذ كان صلى الله عليه وآله قد أعطاها ترابا جعلته في قارورة وقال لها: متى ما رأيت هذا التراب صار دما فاعلمي أن ولدي الحسين قد قتل. وفي إحدى الليالي رأت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو مكتئب وعليه ثياب مغبرّة، وقال لها أنني قادم من كربلاء ومن مدفن الشهداء. فنهضت من نومها ونظرت إلى القارورة فوجدت أن التراب صار دماً، وعلمت أن الحسين قد قتل، وارتفع صوتها بالبكاء والعويل فاجتمع جيرانها وأخبرتهم الخبر.
وحفظوا تاريخ ذلك اليوم و كان العاشر من شهر محرم. وبعد عودة أهل البيت إلى المدينة، وجدوا تاريخ تلك الرؤيا متطابقا مع يوم استشهاد الإمام. وهذه القصة معروفة في الأخبار والروايات بحديث القارورة.
بعد واقعة كربلاء أقامت المآتم على شهداء كربلاء وكان بنو هاشم يسيرون لتعزيتها باعتبارها الوحيدة المتبقية من زوجات رسول الله. توفيت أم سلمة بعد واقعة كربلاء ببضع سنوات
أُمّ البنين
هي أم العباس، و زوجة أمير المؤمنين تزوّجها بعد وفاة فاطمة الزهراء عليها السلام، وقد خطبها له أخوه عقيل. فاطمة بنت حزام من قبيلة بني كلاب، وهي أخت لبيد الشاعر كانت امرأة شريفة ومن أسرة أصيلة ومعروفة بالشجاعة. وكانت تبدي محبة فائقة لأولاد الزهراء عليها السلام.
أنجبت من عليّ عليه السلام أربعة أبناء هم: العباس، جعفر، عبدالله، عثمان، استشهدوا بأجمعهم مع الحسين في يوم الطف
دأبت بعد استشهاد أبنائها على الذهاب يوميا إلى البقيع وتأخذ معها أبناء العباس، وتندب أبناءها وكانت نساء المدينة يبكين أيضا لبكائها، وكانت ترثي ولدها العباس بقصائد من الشعر حينما كانت النساء يعزينها باسم أم البنين، كانت تقول:
لا تدعـوني ويك أم البنـين
تذكرينـي بليـوث العريـن
كانت بنـون لي أُدعـى بهم
واليوم أصبحت ولا من بنين
عظم الله لكم الأجر بأبي عبدالله الحسين عليه السلام
وجعلنا وأياكم من الطالبين بثأره مع ولده الامام الحجة عجل فرجه الشريف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالخميس أبريل 03, 2008 6:04 pm

المجلس الثاني:


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهمـ والعن أعدائهم
إلى يوم الدين بحق سيدي ومولاي الإمام الحسين.عليه السلام
آه.. آه.. .. قلبي يتفطر عطشاً.
انتبه من نومه.. جفف حبات عرق كانت تتلألأ في ضوء القمر.
تقابل الوجهان.. وجه القمر، ووجهه.
تأمل الحسين النجوم في أغوارها البعيدة.
أسبغ وضوءه.. أشاعت برودة الماء السلام في روحه. لقد مضى من الليل ثلثاه، وليس هناك ما يخدش صمت الليل سوى نباح كلاب بعيدة.
حمل جراباً مليئاً بالطعام، كيساً يغص بصرار الدراهم الفضية والدنانير، وراح يجوس أزقة المدينة.
اجتاز بعض المنعطفات.. توقف أمام بيت يكاد يتهدم. أحكم لثامه، فبدا كشبح من أشباح الليل، أو سرّ من أسراره. وضع قدراً من السمن، وشيئاً من الدقيق، وأسقط – من كوّة صغيرة – صرّة نقود، ثم طرق الباب، وحثّ الخطى – قبل أن تنفتح – داخل زقاق غارق في الظلام..
كانت تنبعث من كوّة بيت كبير أضواء ساطعة.. وسمع ضحكة ماجنة أعقبتها ضحكات. استعاذ بالله، وهو ينعطف نحو اليمين. صار قريباً من قصر الوليد بن عتبة بن أبي سفيان – حاكم المدينة.
منظر القصر المنيف، والبيوت الطينية التي تحيطه من كل الجهات يعبّر عن الظلم الفادح في توزيع الثروات، الفقر إلى جانب الغنى.. البؤس إلى جانب الترف والبذخ..
- أين أنت يا رسول الله ؟!.. هلمّ لتشاهد ما يفعل طلقاؤك.. في مدينتك.. أين أنت يا جداه....
توقف الرجل الأسمر ذو العينين المتألّقتين والأنف الأشم. وقف إلى جانب النخلة التي غرسها جده النبي وتذكّر حديثه: اكرموا عمتكم النخلة. لقد شاخت كثيراً، ولكنها ما تزال تَهب الرطب والتمر والظلال. أسند جذعه إلى جذعها.. أضحيا جذعاً واحداً.. انبثق نبع من الصلاة، وغمر رشاش الكلمات السماوية المكان... وصلّى الحسين ركعتين.. ثم انطلق نحو النبي.
الذاكرة ما تزال تتألق بصورة الطفولة.. الحسين بسنواته السبع يركض نحو جده العظيم يرتمي في أحضان النبوّة وعبق الوحي، وابتسامات الملائكة تغمر دنياه. وتتلاحق الصور.. تشتعل وتنطفئ كبروق سماوية.
ألقى الرجل الذي ذرّف على الخمسين بنفسه على القبر. شعر بدفء الأحضان. احتضن التربة الطاهرة، وراح يستنشق.. يملأ صدره بشذى السماء. شعر بأنه يقبّل وجه جدّه.. يمسّد شعره المتموّج تموّج الصحارى، ويداعب سوالفه المتلألئة. وشعر أنه يعانق آدم وإبراهيم، ويحتضن الكون كله.
- يا جدّاه، إنهم يريدون مني شيئاً عظيماً.. تكاد له السماوات يتفطّرن وتنشقّ الأرض. يريدون لقمم الجبال أن تغادر أماكنها الشماء إلى الهاوية، وللسحب أن تدع السماء، وللنخيل أن تنحني... إنهم يريدون للحسين أن يبايع.. يبايع يزيد....
أغمض الحسين عينيه المتعبتين، فانبثق شلال من نور محمد.. وجه يتلألأ كالبدر، ترفرف حوله أجنحة الملائكة مثنى وثلاث ورباع.
يا حبيبي يا حسين
يا حبيبي يا حسين
يا حبيبي يا حسين.. إن أباك وأمك وأخاك قدموا عليّ.. إنهم مشتاقون إليك، فهلمّ إلينا.
لاحاجة بي إلى الدنيا فخذني إليك يا أبتي.
والشهادة يا بني.. الدنيا كلها تحتاج شهادتك.
نعزي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وال بيته
العظام باستشهاد السبط الغريب
وانتبه الحسين على أنفاس الصبح، فودّع جدّه وقفل عائداً إلى منزله. الرؤيا تتجسد أمام عينيه، حتى كاد يلمس غصناً من سدرة المنتهى. نور سماويّ يسطع في أعماقه.. ونداء يتردد في صدره.. يدعوه إلى الرحيل. لقد أزفت الساعة.. والنوق في الصحاري رفعت رؤوسها تترقب انتظام القافلة.
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيد شباب أهل الجنة
السلام عليكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 2:25 pm

المجلس الثالث:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهمـ والعن أعدائهم
إلى يوم الدين بحق سيدي ومولاي الإمام الحسين.عليه السلام
ولما رجع نساء الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا إلى العراق، قالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء.
فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل الرسول صلى الله عليه وآله قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام، فوافوا في وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد، واجتمعت إليهم نساء ذلك السواد، وأقاموا على ذلك أياماً
وروي عن أبي جناب الكلبي قال: حدثني الجصاصون قالوا: كنا نخرج إلى الجبانة في الليل عند مقتل الحسين عليه السلام، فنسمع الجن ينحون عليه فيقولون
مسح الرسول جبينه * فله بريق في الخدود
أبواه من علياً قريش * جده خير الجدود
وقد روي عن مولانا زين العابدين عليه السلام ـ وهو ذو الحلم الذي لا يبلغ الوصف إليه ـ أنه كان كثير البكاء لتلك البلوى، عظيم البث والشكوى
فروي عن الصادق عليه السلام إنه قال: « إن زين العابدين عليه السلام بكى على أبيه أربعين سنة، صائماً نهاره قائماً ليله، فإذا حضره الإفطاء جاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه، فيقول: كل يا مولاي، فيقول: قتل ابن رسول الله جائعاً، قتل ابن رسول الله عطشاناً، فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه ويمتزج شرابه منها، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل ».
وحدث مولى له عليه السلام أنه برز إلى الصحراء يوماً، قال: فتبعته، فوجدته قد سجد على حجارة خشنة، فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكاءه، وأحصيت عليه ألف مرة يقول: « لا إله إلا الله حقاً حقاً لا إله إلا الله تعبداً ورقاً لا إله إلا الله إيماناً وصدقاً ».
ثم رفع رأسه من سجوده، وأن لحيته ووجهه قد غمرا من الدموع.
فقلت: يا مولاي، أما آن لحزنك أن ينقضي ؟ ولبكائك أن يقل ؟
فقال لي: « ويحك، إن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام كان نبياً ابن نبي ابن نبي له اثنى عشر ابناً، فغيب الله سبحانه واحداً منهم فشاب رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغم والهم وذهب بصره من البكاء وابنه حي في دار الدنيا، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين، فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي ؟
وها أنا أتمثل وأشير إليهم صلوات الله وسلامه عليهم، فأقول:
من مخبر الملبسينـــا بانتزاحهـــم * ثوباً من الحزن لا يبلــى ويبلينــــا
إن الزمان الذي قــد كان يضحكنـــا * بقربهم صار بالتفريــــق يبكينـــا
حالت لفقدانهم أيامنـــا فغــــدت * سوداً وكانت بهم بيضــــاً ليالينــا
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيد شباب أهل الجنة
السلام عليكم


عدل سابقا من قبل الحر الروحي في الجمعة أبريل 04, 2008 4:28 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 2:38 pm

المجلس الرابع:
بسم الله الرحمن الرحيمـ
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهمـ والعن أعدائهم
إلى يوم الدين بحق سيدي ومولاي الإمام الحسين.عليه السلامـ
الكوفة خائفة. جلست ذليلة في حضرة ابن زياد.. وزياد يشير بسوطه.. فتتساقط الرؤوس.. وتطيح الأيدي. وانحنت الرقاب ((للأرقط)) لقد انتصر بجيشه الوهمي القادم من الشام. الكوفة كلّها أسيرة في قبضته.. تنقاد له طائعة. يصرخ فيها:
- اقتلوا آل الحسين.. إنهم أناس يتطهّرون.
وينتظم العبيد.. عبيد الدنيا جيشاً عرمرماً يقوده ((الحرّ
فارس يقود ألف فارس مدجّج السلاح يجوبون الصحراء بحثاً عن قافلة صغيرة
والحرّ يجوب الصحراء في مهمّة كان يلعنها في أعماق نفسه
ويسمع الحرّ صوتاً عجيباً.. صوتاً قادماً من وراء الرمال:
- ابشر يا حرّ بالجنة.
- أية جنّة وأنا سائر لقتال سبط النبي.
الخيل تلهث.. أضرّ بها الظمأ.. والصحراء تلتهب.. تتوهج.. تشتعل جحيماً لا يطاق والحرّ يُبشَّر بالجنّة. وتبدو في الأفق قافلة تتجه نحو ذي حسم (الجبل الصغير)
الشمس في كبد السماء تتشظى حمماً.. تتفجّر لهباً، والرمال تشتعل جمراً، والخيل تلهث.. تهوّم عيونها نحو سراب بعيد يحسبه الظمآن ماء. وقف الحرّ قبال الحسين في الظهيرة العظمى.. الخيول تنظر إلى الحسين.. تشمّ رائحة الماء، وتحمحم.
هتف الحسين:
- اسقوهم وارشفوا الخيل...
ومرّت مئات الخيول الظامئة.. تعبّ من الماء.. وتطفئ لهب الصحراء.
ورأى الحسين فارساً وصل متأخراً، وقد أضرّ به العطش، فقال بلغة حجازية:
فلم يدر الرجل ما يصنع، فعطف الحسين له السقاء حتّى ارتوى وسقى فرسه.
وساد صمت رهيب رغم حمحمة الخيل.. وكان الجميع يتساءلون عن سرّ وجودهم في تلك البقعة الملتهبة من دنيا الله. وأذَّن ((ابن مسروق)) للصلاة: فقال للحسين:
- أتصلّي بأصحابك.
- لا، بل نصلّي جميعاً بصلاتك.
وصلّى الحسين بالجموع.. وصلّى خلفه ألف فارس كانوا يريدون القبض على الرجل القادم من الحجاز. وقال الحسين بعد الصلاة:
- نحن أهل بيت محمد أولى بالأمر من هؤلاء المدّعين.. السائرين بالجور والعدوان، فإن أبيتم إلّا الكراهية لنا، والجهل بحقنا، وكان رأيكم على غير ما أتتني به كتبكم انصرفت عنكم...
تساءل الحرّ:
- ما أدري، ما هذه الكتب التي تذكرها ؟!
فنظر الحسين إلى ((ابن سمعان))، فأحضر خرجين مملوءين كتباً.. رسائل بالآلاف.. كتبها الكوفيون.. كتبها الكوفيون، كلها تقول أن أقدم علينا ليس لنا إمام غيرك.
تمتم الحرّ خجلاً:
- إني لست من هؤلاء.. وإني أمرت أن أقدمك الكوفة على ابن زياد.
قال صاحب الأنف الأشمّ:
- الموت أدنى إليك من ذلك..
القافلة تريد أن تستأنف رحلتها.. سفن الصحراء ترفع مراسيها.
و((الحر)) يعترض:
- أنا أنفّذ أمر الخليفة.
- ثكلتك أمّك.
- أما لو غيرك من العرب يقولها لي ما تركت ذكر أمّه كائناً من كان.. ولكن مالي إلى ذكر أمّك من سبيل.. فأمّك الزهراء البتول.
وأردف الحرّ متوسّلاً:
- لتسلك طريقاً وسطاً.. لا يدخلك الكوفة ولا يردّك إلى المدينة، حتى أكتب إلى ابن زياد، فلعلّ الله يرزقني العافية.
كانت القافلة تسير باتجاه بوصلة القدر.. باتجاه مدينة تعيش في رحم المستقبل.
كانا يسيران على مهل.. يسيران في طريق واحد.. طريق رسمته الأقدار.
همس الحرّ بحزن:
- إني أذكّرك الله في نفسك، فإني أشهد لئن قاتلت لتُقتلَنَّ.
وأدرك الحسين ما تموج به أعماق ((الحرّ
- أفبالموت تخوّفني ؟!
سأمضي وما بالموت عار على الفتى
إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما
فإن عشت لم أندم وإن مت لم أُلَم
كفى بك ذلاً أن تعيس وترغما
وأدرك الحر هدف الحسين.. الغاية التي يتحرك نحوها. ابتعد عنه.. أخذ ناحية أخرى من الطريق.. يسايره فيها من بعيد.. ولكنه شعر بنفسه تهفو إلى الرجل السائر نحو الموت.. الرجل الذي قال من قبل: من لحق بنا استشهد ومن تخلّف عنا لم يبلغ الفتح.
وهو من جملة شهداء عاشوراء الأجلاّء. وكان من الشخصيات البارزة في الكوفة، دعاه ابن زياد لمقاتلة الحسين وانتدبه على ألف فارس1).. ولمّا رأى الحرّ أنّ القوم عازمون على حرب الحسين، تذرّع بأنّه يريد سقي فرسه في صباح يوم العاشر، وفارق جيش ابن سعد والتحق بركب الحسين، ووقف بين يدي الحسين معلناً توبته، ثم استأذنه للبراز.
إنّ هذا الاختيار المثير، واختيار الجنّة على النار، قد جعل من شخصية الحرّ شخصية محبوبة وبطولية.
تقدم الحر إلى العدو وكلمهم بأبلغ القول ووبخهم على محاربة الحسين،وقد أوشك كلامه أن يثير بعض جيش ابن سعد ويصرفهم عن حرب الحسين، فرماه جيش العدو بالسهام. فعاد إلى الحسين. وبرز بعدها إلى الميدان وقاتل قتال البطال حتى استشهد.
وكان عند القتال يرتجز ويقول:
إنّي أنا الحـرّ ومأوى الضيف
أضـرب في أعناقكم بالسـيفِ
عن خير من حلَّ بأرض الخيف
أضـربكم ولا أرى من حـيفِ
ممّا يدلّ على شجاعته واستماتته في القتال والذبّ عن سيّد الشهداء، ومدى معرفته لأحقيّة هذا الطريق.
بعد استشهاده حمله أصحاب الحسين عليه السلام حتى وضعوه بين يديه وبه رمق، فجعل الحسين يمسح وجهه ويقول: "أنت الحرّ كما سمّتك أُمّك، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة"
عصّب الحسين رأس الحر بمنديل. وبعد واقعة الطف دفنه بنو تميم على بعد ميل من قبر الحسين، حيث قبره الآن خارج كربلاء في المنطقة التي كانت تسمى قديما بـ"النواويس"
وممّا ينقل أنّ الشاه إسماعيل الصفوي حفر قبر الحر ووجد جسده سالماً،ولما أراد فتح العصابة التي على رأسه سال دمه، فأعادوها كما كانت. ثم بنوا قبّة على قبره
روت كتب المقاتل وجميع المصادر التي أوردت أخبار واقعة الطف، سيرة الحرّ ودوره في الواقعة منذ لقائه بقافلة سيّد الشهداء، حتى توبته والتحاقه بجبهة الحقّ واستشهاده بين يدي الحسين. وتوبته من المع معالم حياته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيد شباب أهل الجنة
السلام عليكم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 2:54 pm



المجلس الخامس:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهمـ والعن أعدائهم
إلى يوم الدين بحق سيدي ومولاي الإمام الحسين.عليه السلام
إنه سفير الحسين إلى الكوفة . أين الرجال الذين بايعوه على الثورة ؟
كيف تحوّل جيش ناهز العشرين ألفاً إلى فئران خائفة تختبئ مذعورة في جحور.. منقوبة في الأرض ؟.
فكّر أن ينادي بأعلى صوته: (( يا منصور أمت ))، شعار الثورة.. ذكريات بدر.. علّهم يلتفّون حوله من جديد.. علّهم يهّبون لحصار قصر الظلم مرة أخرى. ولكن من تركوه في وضح النهار، كيف يعودون إليه في قلب الظلام. الذين فرّوا في ضوء الشمس، هل يعودون في غمرة الليل ؟
كان مسلم بن عقيل يسير.. ينقل خطىً واهنة. تداعت أمامه كل الصور المثيرة، وهو يعبر الصحراء
أراد أن يعود من حيث أتى.. ولكن الحسين كان يريد له المسير حتى انهاية
السفير أعياه التعب.. كقائد مخذول كان يجرجر نفسه بعناء.. يحس مرارة الهزيمة.. أمام جيش وهمي، حقّ له أن يندهش كيف تشتّت جيشه الكبير أمام شائعة كاذبة !.. أمام جيش سوف يصل من الشام.. جيش وهمي.. صنعه الخيال المريض.. الخيال الذي يحلم بعقل فأرة مذعورة من القط.. من اسمه فقط.
جلس الغريب عند باب عتيقة، وراح يلتقط أنفاسه
فتحت ((طوعة)) ألا وهي " طوعة ".
ولو كنا النساء كمن ذكرنا * لفضّلت النساء على الرجال
فلا التأنيث باسم الشمس عيب * ولا التذكير فخر للهلال
المرأة العجوز الني كانت تنتظر عودة ابنها، والابن ذهب يبحث عن الرجل الجائزة.
- هل لي في جرعة من الماء ؟.
وما أسرع أن عادت المرأة تحمل إليه الماء.. فراح يعبّ منه، ثم سكب الباقي على صدره. أراد أن يطفئ لهيب الصحراء في أعماقه.
قالت العجوز مستنكرة جلوسه:
- ألم تشرب يا عبد الله ؟!.. قم فانصرف إلى أهلك.
اعتصم بالصمت.. الصمت المجهول الذي لا يريد أن يسبر غوره أحد.
- قم عافاك الله.. فإنه لا يجدر بك الجلوس على بابي.
- وماذا أفعل.. لقد ضللت الطريق.. وليس هناك من يدلّني.
ولكنها لم تقتنع بذلك لأنها امرأة مصونة متأنف من وقوف الأجنبي على بيتها فقالت له: إني لا أحل لك الجلوس هنا ولا يصلح لك.
فعندها رق وتلاين وقال: يا أمة الله مالي في هذا المصر منزل، ولا عشيرة فهل لك الى أجر ومعروف ولعلي مكافئك به بعد هذا اليوم.
فاستفزّنها هذه الكلمة الغالية لأن الأجر من أعمال الصالحين والمعروف لا يكافي عليه إلا أهله فقالت مستفهمة: وما ذاك ؟
- من تكون يا عبد الله ؟!
- أنا مسلم بن عقيل.
فهتفت المرأة مأخوذة بالمفاجأة:
- أنت مسلم ؟!.. انهض إذن انهض.
- إلى أين يا أمة الله.
- إلى بيتي..
واحتضن بيت كوفي مسلم بن عقيل – الرجل الشريد. أما بقية البيوت فقد كانت تصغي برعب إلى حوافر الخيل وهي تدكّ الأرض بحثاً عن رجل غريب.
ورجل أرقط مجهول النسب اسمه ابن زياد بن أبيه
التفت نحو هاني بن عروة، وصرخ بعصبية:
- أتيت بابن عقيل إلى دارك، وجمعت له السلاح ؟
قال هاني بثبات:
- أفضّل لك أن تمضي إلى الشام، فقد جاء من هو أحق بالأمر منك ومن صاحبك.
وتفجّر ابن زياد غضباً:
- والله لا تفارقني حتى تأتيني به.
وجاءه الجواب هادئاً ثابتاً.. ثبات الجبال:
- والله لو كان تحت قدميّ ما رفعتهما عنه.
يا كوفة... أيتها الغانية اللعوب.. يا مومساً تريد كل يوم بعلاً.. لِمَ تُضيعين أبناءك ؟ أين مسلم أيتها الغادرة ؟!..
خيول الدوريات تجوس المدينة الخائفة.. الخائنة.. يبحثون عن رجل مكّي مدني اسمه مسلم.. مسلم حقاً.
- لِمَ يبحثون عنه ؟..
- إنه يحمل أشياء ممنوعة.. أشياء خطيرة. يحمل سيفاً علوياً.. وقلباً حسينياً.. يريد تهريب الثورة..
العيون الحمراء ترقب المدينة.. ومسلم في بيت طوعة..
وطوعة.. المرأة العجوز.. تتأمل أسداً جريحاً من ليوث محمّد.. يقبض على قائمة سيفه. لقد طلع الفجر. وآن للنهاية أن تبدأ.
- إنهم كثيرون.. مئة أو يزيدون.
- لا عليك يا أمَة الله. لقد حان اللقاء. رأيت عمي أمير المؤمنينفي المنام – يقول لي: أنت معي غداً
اقتحمت الذئاب منزل طوعة، ولمع السيف العلوي كبرق سماوي.. ودوّى رعد مهيب له صوت مسلم:
أقسمت لا أقتل إلا حرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا
كل امرئ يوما ملاق شرا * ويخلط البارد سخنا مرا
رد شعاع النفس فاستقرا * أخاف أن أكذب أو أغرا
وصرخ ((ابن الأشعث)) مستمدّاً:
- الرجال.. الرجال.
ويستنكر قصر الإمارة:
- ويلك إنه رجل واحد.
- أتظن أنك أرسلتني إلى بقال من بقالي الكوفة !.. إنه سيف من أسياف محمّد.
وكان من قوته يأخذ الرجل من محزمه ويرمي به فوق البيت،
وأخذ يقاتلهم وحده في ذلك المجال الضيّق حتى أكثر القتلى والناس من أعلى السطوح يرمونه بالحجارة، ويقلبون عليه القصب المضرم بالنار وهو يرتجز في حملاته
فقال: " ما لكم ترموني بالحجارة كما ترمى الكفار وأنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار ألا ترعون حق رسول الله في عترتهوعجزت السيوف أن تكسر سيفه.. وقيل: أنهم عملوا حفيرة وستروها بالتراب وانكشفوا بين يديه حتى إذا وقع فيها أسروه وتهاوى الجبل.. تراخت قبضته. ولمّا انتزعوا سيفه بكى.
وتعجّب الذينمن حوله.. لم يدركوا سرّ البكاء فقال له عمرو بن عبيدالله بن العباس السلمي: ان الذي يطلب مثل الذي تطلب اذا نزل به مثل ما نزل بك لم يبكِ، فقال - عليه السلام -: " ما على نفسي أبكي ولكن أبكي لأهلي المقبلين اليكم، أبكي للحسين وآل
الحسين
ولما جيء به الى القصر ,قال له مسلم بن عمرو الباهلي: أتراها ما أبردها (الماء) لا تذوق منها قطرة حتى تذوق الحميم في نار جهنم
ومن هنا تعجب مسلم - عليه السلام - واستفهم عن حسبه فقال له: من أنت ؟ قال: أنا ابن من عرف الحق إذ أنكرته، ونصح لإمامه إذ غششته، وسمع وأطاع إذ عصيته وخالفته، أنا مسلم بن عمرو الباهلي !
فقال ابن عقيل: " لامك الثكل ما أجفاك وأفظّك وأقسى قلبك وأغلظه أنت يا ابن باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم
ثم صلى ركعتين وتوجه نحو المدينة وسلم على الحسين فضرب الرجل عنقه ورمى بجسده الى الأرض كما أمره ابن زياد
ثم أمر ابن زياد بهاني بن عروة فأخرج مكتوفا الى مكان من السوق يباع فيه الغنم فنادى: " وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم، وامذحجاه ولامذحج لي
اليوم
فلما رأى أن أحدا لا ينصره انتزع يده من الكتاف ونادى: " ألا عصا أو سكّين أو عظم أو حجر يذبّ به رجل عن نفسه
فوثبوا عليه وأوثقوه كتافا فقيل له: مدّ عنقك قال: " ما أنا بسخيّ بها ولا معينكم على نفسي
فضربه رشيد مولى لابن زياد تركي فلم تعمل فيه فقال هاني: " الى الله المعاد، اللهم الى رحمتك ورضوانك
ثم ضربه أخرى فقتله.
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيد شباب أهل الجنة
السلام عليكم


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 3:07 pm



المجلس السادس:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهمـ والعن أعدائهم
إلى يوم الدين بحق سيدي ومولاي الإمام الحسين.عليه السلام
جمع‌ سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌ أصحابه‌
قال‌ :
أَمَّا بَعْد أَلاَ وَ إنِّي‌ قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَانْطَلِقُوا جَمِيعاً فِي‌ حِلٍّ؛ لَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنِّي‌ ذِمَامٌ. هَذَا اللَيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلاً.
فنهضو‌ا ‌ فتكلّم‌ كلٌّ منهم‌ معتذراً كلاماً معناه‌: لا بقينا بعدك‌! لا أبقانا الله‌ بعدك‌! لن‌ يكون‌ ذلك‌ منّا أبداً! لوددنا لو كان‌ لدينا عدّة‌ أرواح‌ لنفديك‌ بها جميعاً!
ثم جعل أصحاب الحسين يبرزون واحداً بعد واحد، وكل من أراد منهم الخروج ودّع الحسين وقال السلام عليك يا أبا عبد الله. فيجيبه الحسين: وعليك السلام ونحن خلفك، ثم يتلو: (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً
برز مسلم بن عوسجة وجعل يقاتلهم قتالاً شديداً، حتى سقط صريعاً فمشى إليه الحسين ومعه حبيب بن مظاهر وبه رمق من الحياة، فقال له الحسين: رحمك الله يا مسلم، ثم دن منه حبيب ابن مظاهر ، فقال : لو لا أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بكل ما أهمّك، فقال مسلم: أوصيك بهذا (وأشار إلى الحسين) قاتل دونه حتى تموت. فقال حبيب لأنعمنّك عينا.
فلما سمع ابنه ذلك دخل عند أمّه وهو يبكي فقالت: ما يبكيك؟ قال: أريد الجهاد، فقامت أمّه وشدّت سيفاً في وسطه وقالت: أبرز يا بني فإنك تجد رمحاً مطروحاً بين أطناب المخيّم. فخرج وأراد حمل الرمح فلم يتمكّن، وجعل يسحبه على الأرض سحباً، فبصر به الحسين فقال: إن هذا الشاب قد قتل أبوه في المعركة وأخاف أمّه تكره برازه فقال الغلام: يا سيدي إنّ أمي ألبستني لامة حربي فبرزَ مرتجزاً:
أميري حسين ونعم الأمير *** سرور فؤاد البشير النذير
عليّ وفاطمة والداه *** فهل تعلمون له من نظير
له طلعة مثل شمس الضحى *** له غرّةٌ مثل بدرٍ منير
فقاتل حتى قتل فاحتزوا رأسه، ورموا بالرأس نحو معسكر الحسين، فأخذت ا مه رأسه وقالت: أحسنت يا بني يا سرور قلبي يا قرّة عيني، ثم رمت براس ولدها وأخذت عمود الخيمة وحملت عليهم وهي تقول:
أنا عجوز سيدي ضعيفة *** خاوية بالية نحيفة
أضربكم بضربةٍ عنيفة *** دون بني فاطمة الشريفة
فأمر الحسين بصرفها ودعا لها.
ثم برز وهب بن عبد الله الكلبي، وكان نصرانياً ومعه أمه وزوجته فأسلموا على يد الحسين في أثناء الطريق ورافقوه إلى كربلاء، فأقبلت أمه وقالت: يا بني قٌم وانصُر ابن بنت رسول الله.
فقتل جماعة منهم، ثمّ رجع إلى أمّه وقال: يا أماه ارضيِ عنّي؟
فقالت: ما رضيتُ حتى تقتل بين يدي الحسين، فقالت امرأته: بالله عليك لا تفجعني في نفسك، فقالت أمه: أعزب عنها ولا تقبل قولها، وارجع وقاتل بين يدي ابن بنت رسول الله تنل شفاعة جدّه يوم القيامة.
فرجع فلم يزل يقاتل حتى قتل تسعة عشر فارساً وعشرين راجلاً، ثم قطعت أصابع يده، وأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمي! قاتل دون الطيّبين حرم رسول الله، فاقبل كي يردّها إلى النساء فأخذت بجانب ثوبه وقالت: لن أعود أو أموت معك، فقال لها: كنت تنهينني عن القتال والآن تحرّضينني؟ قالت: يا وهب لقد عفتُ الحياة منذ سمعت نداء الحسين ينادي وا غربتاه وا قلّة ناصراه، أما من ذابّ يذبّ عنّا؟ أما من مجير يجيرنا؟
ثم استعان وهب بالحسين وقال سيدي ردّها، فقال الحسين: جزيتم من أهل بيت خيراً، إرجعي إلى النساء يرحمك الله، فانصرفت، وقتل وهب ورموا برأسه إلى عسكر الحسين، فأخذت أمّه الرأس فقبّلته وجعلت تمسح الدم من وجهه وهي تقول: الحمد لله الذي بيّض وجهي بشهادتك - يا ولدي - بين يدي أبي عبد الله الحسين. ثم رمت بالرأس وأخذت عمود الخيمة فقال لها الحسين: ارجعي يا أم وهب أنت وابنك مع رسول الله (صلّى
فذهبت امرأته تمسح الدم والتراب عن وجهه وهي تقول: هنيئاً لك الجنّة. فبصر بها شمرٌ فأمر غلامه فضربها بعمود فقتلها، هي أول امرأة قتلت في عسكر الحسين.
فقال الحسين لزهير بن القين وسعيد بن عبد الله: تقدّما أمامي حتى أصلّي الظهر. فتقدّما أمامه في نحو نصفٍ من أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف، وسعيد تقدّم أمام الحسين فاستهدف لهم فجعلوا يرمونه بالنبال كلّما أخذ الحسين يميناً وشمالاً قام بين يديه فما زال يرمى إليه حتى سقط على الأرض وهو يقول: اللهم العنهم لعن عادٍ وثمود، اللهم أبلغ نبيّك عني السلام. وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإنني أردت بذلك نصرة ذرّية نبيّك ثم مات رحمه الله.
وخرج حبيب بن مظاهر وودع الحسين وجعل يقاتل وهو يقول:
أنا حبيب وأبي مظاهر *** فارس هيجاء وحرب تسعر
أنتم عدّ عدّة وأكثر *** ونحن أوفى منكم وأصبر
وأنتم عند الوفاء أغدر *** ونحن أعلى حجّة وأظهر
فقتل اثنين وستين فارساً ثم قتل فبان الانكسار في وجه الحسين، فقال الحسين: لله درّك يا حبيب لقد كنت فاضلً تختم القرآن في ليلة واحدة.
وتقدّم عابس إلى الحسين سلّم عليه وقال: ، السلام عليك يا أبا عبد الله، إشهد أني على هداك وهدى أبيك، ثم مشى بالسيف مصلتاً نحو القوم.
فصاح رجل من أهل الكوفة: هذا أسد الأسود هذا ابن شبيب. فأخذ عابس ينادي: إلا رجل ألا رجل؟ فلم يتقدّم إليه أحد، فنادى عمر بن سعد:
إرضخوه بالحجارة، فرمي بالحجارة من كلّ جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره خلفه، ثم شدّ على الناس.
قال الراوي: فوالله لقد رأيته يطرد أكثر من مائتين من الناس، حتى اثخنه بالجرح ضرباً وطعناً ورمياً وقتلوه رضوان الله عليه.
وأقبل جون مولى أبي ذر الغفاري يستأذن في القتال، فقل الحسين: يا جون أنت في إذن مني فإنما تبعتنا طلباً للعافية، فلا تبتل بطريقنا، فقال جون: يابن رسول الله أنا في الرخاء الحسُ قِصاعَكم وفي الشدّة أخذلكم؟! والله إنّ ريحي لنتن، وإن حسبي للئيم، وإن لوني لأسود، فتنفّس عليّ بالجنة فتطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيّض وجهي، لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دماءكم.
فقتل خمساً وعشرين رجلاً ثم قتل، فوقف عليه الحسين وقال: اللهم بّيض وجهه وطيّب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرّف بينه وبين محمد وآل محمد.
وخرج عمرو بن قرظة الأنصاري فاستأذن الحسين فأذن له، فقاتل قتال الأسد الباسل، وكان لايأتي إلى الحسين سهم إلا اتقّاه بيده، ولا سيف إلا تلقّاه بمهجته، فلم يكن يصل إلى الحسين سوء حتى اثخن بالجراح. فالتفت إلى الحسين وقال: يابن رسول الله أوفيت؟ فقال الحسين: نعم، أنت أمامي في الجنة، فاقرأ رسول الله عني السلام وأعلمه أني في الأثر.
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيد شباب أهل الجنة
السلام عليكم


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 3:10 pm

المجلس السابع:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهمـ والعن أعدائهم
إلى يوم الدين بحق سيدي ومولاي الإمام الحسين.عليه السلام
لم يبق مع الحسين سوى حامل الراية، رجل يدعى أبو الفضل، أبوه أبو الحسن، وأمه امرأة ولدتها الفحولة من العرب.
وكان العباس بطلاً جسيماً وسيماً، يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان على الأرض خطا، ويلقّب بالسقّاء وقمر بني هاشم.
تقدم صاحب الراية من أخيه الذي بقي وحيداً.. الحسين ينظر إلى آخر القرابين السماوية:
- يا أخي أنت صاحب لوائي.
قال أبو الفضل وهو يكاد يتميز من الغيظ:
- قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين، وأريد أن آخذ ثاري.
فقال الحسين:
- إذا كان ولابدّ، فاطلب لهؤلاء الأطفال ماء.
انطلق أبو الفضل إلى القبائل.. إلى قلوب قاسية أقسى من الحجارة.. وإن من الحجارة لما يتفجّر منها الأنهار.
- يا عمر بن سعد ! هذا الحسين ابن بنت رسول الله.. قد قتلتم أصحابه وأهل بيته، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء.. قد أحرق الظمأ قلوبهم. وهو مع ذلك يقول: دعوني أذهب إلى الروم أو الهند وأخلي لكم الحجاز والعراق.
صاح الأبرص بصوت يشبه رنّة الشيطان:
- يابن أبي تراب ! لو كان وجه الأرض كلّه ماء، وهو تحت أيدينا، لما سقيناكم منه قطرة.. إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد.
الأطفال يصيحون.. القلوب الظامئة تئنّ.. الشفاه الذابلة تهتف: العطش.. العطش. والفرات يجري.. تتدافع أمواجه.. كبطون الحيّات. اعتلى صاحب اللواء صهوة الجواد...
لقد ضاق صدره، وسئم من الحياة حينما رأى النجوم المشرقة من أخوته، وأبناء عمومته صرعى مجزرين على رمضاء كربلاء فتحرّق شوقاً للأخذ بثأرهم والالتحاق بهم
ورآهم أبو الفضل قد ذبلت شفاهم، وتغيّرت ألوانهم، وأشرفوا على الهلاك، من شدّة
العطش، وفزع أبو الفضل، وسرى الألم العاصف في محيّاه، واندفع ببسالة لإغاثتهم،
فركب فرسه، وأخذ معه القربة، فاقتحم الفرات، فانهزم الجيش من بين يديه، واستطاع أن يفكّ الحصار الذي فرض على الماء،فاحتلّه، وكان قلبه الشريف كصالية الغضا من شدّة العطش، فاغترف من الماء غرفة ليشرب منه، إلاّ أنه تذكّر عطش أخيه، ومن معه من النساء والأطفال، فرمى الماء من يده، وامتنع أن يروي غليله، وقال:
يا نفس من بعد الحسين هوني *** وبعده لا كنت أن تكوني
هذا الحسين شارب المنون *** وتشربين بارد المعين
هيهات ما هذا فعال ديني *** ولا فعال صادق اليقين
واتجه فخر هاشم مزهواً نحو المخيم بعدما ملأ القربة
وهي عنده أثمن من حياته، والتحم مع أعداء الله وأنذال البشرية التحاماً رهيباً فقد أحاطوا به من كلّ جانب ليمنعوه من إيصال الماء إلى عطاشى آل النبيّ صلى الله عليه وآله، وأشاع فيهم القتل والدمار وهو يرتجز
لا أرهب الموت إذا الموت رقا *** حتى أوارى في المصاليت لقى
إني أنا العباس أغدو بالسقا *** ولا أخاف الشر يوم الملتقى
وانهزمت الجيوش من بين يديه يطاردها الفزع والرعب،
فقد ذكرهم ببطولات أبيه فاتح خيبر، ومحطّم فلول الشرك، إلاّ ان وضراً خبيثاً من جبناء أهل الكوفة كمن له من وراء نخلة، ولم يستقبله بوجهه، فضربه على يمينه ضربة غادرة فبراها،
لقد قطع تلك اليد الكريمة التي كانت تفيض برّاً وكرماً على المحرومين والفقراء، والتي طالما دافع بها عن حقوق المظلومين والمضطهدين، ولم يعن بها بطل كربلاء وراح يرتجز
والله إن قطعتم يميني *** إني أحامي أبداً عن ديني
وعن إمام صادق اليقين *** نجل النبي الطاهر الأمين
ولم يبعد العباس قليلاً حتى كمن له من وراء نخلة رجس من أرجاس البشرية وهو الحكيم بن الطفيل الطائي فضربه على يساره فبراها
فجعل يقول:
يا نفس لا تخشي من الكفّار *** وأبشري برحمة الجبّار
قد قطعوا ببغيهم يساري *** فأصلهم يا رب حر النار
، وحمل القربة بأسنانه -
حسبما تقول بعض المصادر - وجعل يركض ليوصل الماء إلى عطاشى أهل البيت (عليهم السلام)
فاذا بسهم يصيب عينه فيطفئ نورها وتجمع الدم على الثانية فحجب عنه الرؤية
وبينما هو يركض وهو بتلك الحالة إذ أصاب القربة سهم غادر فأريق ماؤها،فلما احس ببرودة الماء وقف البطل حزيناً،
فقد كان إراقة الماء عنده أشدّ عليه من قطع يديه وفقد عينه
فبقي العباس حائراً ليس له يد فيقاتل ولا ماء فيرجع إلى الخيمة،
وشدّ عليه رجس فعلاه بعمود من حديد على رأسه الشريف ففلق هامته، وهوى إلى الأرض، وهو يؤدّي تحيّته، ووداعه الأخير إلى أخيه قائلاً: "عليك منّي السلام أبا عبدالله...".
ان الفارس عندما يقع عن الفرس يلتقط الارض بيديه.ولكن ماذا بحال العباس
فسمع الحسين سلام اخاه
فمشى إليه السبط. ويقول الراوي :نظرنا الى الحسين فرايناه يلتقط شيئ من الارض فقبله ,ثم فعلها مرة اخرى . واذ بهم يدي ابا الفضل
فانقضّ إليه الحسين
كالصقر فرآه مفضوخ الجبين مشكوك العين بسهم، فوقف عليه منحنياً وجلس عند رأسه يبكي، ففاضت نفس أبي الفضل فقال الحسين: أخي الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي
ثم امسك براسه ووضعه في حجره, فاذا بالعباس يعيد راسه الى الارض
وكلما فعل ذلك ,كان العباس يعيد راسه الى الارض
فساله الحسين عن سبب ذلك فقال العباس:
اخي .. انت الان تاخذ براسي ولكن بعد ساعة من الذي ياخذ براسك
ثم فاضت روحه الطاهرة
قام من أخيه وهو لايتمكّن أن ينقل قدميه، وقد بان عليه الانكسار، وهو الصبور، واتجه صوب المخيّم، وهو يكفكف دموعه، فاستقبلته سكينة قائلة: "أين عمّي أبو الفضل،..".
فغرق بالبكاء، واخبرها بنبرات متقطّعة من شدّة البكاء بشهادته، وذعرت سكينة، وعلا صراخها، ولما سمعت بطلة كربلاء حفيدة الرسول صلى الله عليه وآله بشهادة أخيها
الذي ما ترك لوناً من ألوان البرّ والمعروف إلاّ قدّمه لها أخذت تعاني آلام الاحتضار، ووضعت يدها على قلبها المذاب، وهي تصيح: "وا أخاه، واعبّاساه، وا ضعيتنا بعدك
يالهول الفاجعة.
يالهول الكارثة.
لقد ضجّت البقعة من كثرة الصراخ والبكاء،
وأخذت عقائل النبوة يلطمن الوجوه وقد أيقن بالضياع بعده، وشاركهنّ الثاكل الحزين أبو الشهداء في محنتهنّ ومصابهنّ، وقد علا صوته قائلاً: "واضيعتنا بعدك يا أبا الفضل
لقد شعر أبو عبدالله عليه السلام بالضيعة والغربة بعد فقده لأخيه الذي ليس مثله أخ في برّه ووفائه ومواساته، فكانت فاجعته به من أقسى ما مُني به من المصائب والكوارث.
وداعاً يا قمر بني هاشم.
وداعاً يا فجر كل ليل.
وداعاً يا رمز المواساة والوفاء.
سلام عليك يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تُبعث حيّاً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 3:29 pm

المجلس الثامن:

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهمـ والعن أعدائهم
إلى يوم الدين بحق سيدي ومولاي الإمام الحسين.عليه السلام
وبعد ما قتل أصحاب الحسين رضوان الله عليهم فعند ذلك وصلت النوبة إلى بني هاشم، وأول من قتل منهم علي بن الحسين الأكبر، وأمه ليلى، وفيه يقول الشاعر
لم تر عين نظرت مثله *** من محتف يمشي ومن ناعل
أعني ابن ليلى ذا السدى والندى *** أعني ابن بنت الشرف الفاضل
لا يؤثر الدنيا عن دينه *** ولا يبيع الحق بالباطل
وكان من أصبح الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً وخُلقاً، فاستأذن أباه في القتال فنظر إليه الحسين نظر آيس منه، وأرخى عينيه وبكى، ورفع سبابتيه أو شيبته الشريفة نحو السماء وقال:
اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إلى وجه هذا الغلام،
اللهم امنعهم بركات الأرض وفرّقهم تفريقاً ومزّقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً ولا تغفر لهم أبداً، ولا ترضي الولاة عنهم أحداً، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا
ثم صاح: يابن سعد ما لك؟ قطع الله رحمك ولا بارك الله في أمرك، وسلّط عليك من يذبحك بعدي على فراشك، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله، ثم رفع صوته وتلا:
(إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ).
فحمل علي الأكبر على القوم وهو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي *** نحن وبيت الله أولى بالنبي
أطعنكم بالرمح حتى يثني *** أضربكم بالسيف أحمي عن أبي
ضرب غلام هاشمي علويّ *** والله لا يحكم فينا ابن الدعي
فشدّ على الناس وقتل منهم خلقاً كثيراً حتى ضجّ الناس من كثرة من قتل، فروي أنه قتل مائة وعشرين رجلاً، فرجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة وهو يقول:
يا أبة العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة من الماء سبيل أتقوّى بها على الأعداء.
يشكو لخير أبٍ ظماه وما اشتكى *** ظمأ الحشا إلا إلى الظامي الصدي
كلٌ حشاشته كصالية الغضا *** ولسانه ظمأ كشقة مبرد
فبكى الحسين وقال: وا غوثاه يا بني، يعزّ على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعليّ أن تدعوهم فلا يجيبوك وتستغيث بهم فلا يغيثوك،
يا بني قاتل قليلاً، فما أسرع أن تلقى جدك محمداً (صلّى الله عليه وآله) فيسقيك بكاسه الأوفى شربةً لا تضمأ بعدها أبداً،
يا بني هات لسانك. فأخذ لسانه فكانه كالحجر من شدة العطش، وأعطاه خاتمه وقال:
أمسكه في فمك وارجع إلى عدوّك، فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدّك، ولدي عد بارك الله فيك.
فرجع مرتجزاً:
الحرب قد بانت لها حقائق *** وظهرت مع بعضها مصادق
والله رب العرش لا نفارق *** جموعكم أو تغمد البوارق
العلوي يخترق أحراش الرماح.. وبين الفينة والأخرى يلوح بريق سيف غاضب كوميض الصواعق بين سحب مشحونة.. مخزونة بالرعود.
هزّ (( مرّة بن منقذ )) رمحه، وقد عصفت في نفسه الحمية.. حمية الجاهلية:
- عليَّ آثام العرب إن لم أثكل أباه.
ولم يزل يقاتل حتى قتل تمام المائتين،
فضربه مرّة بن منقذ العبدي ضربةً صرعته،
وضربه الناس بأسيافهم فاعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى معسكر الأعداء فقطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً،
فلما بلغت روحه التراقي نادى رافعاً صوته:
عليك مني السلام أبا عبد الله، هذا جدي قد سقاني بكأسه شربة لا أظمأ بعدها، وهو يقول إن لك كأساً مذخورة
فجاءه الحسين ورفع صوته بالبكاء ولم يسمع أحد إلى ذلك الزمان صوت الحسين بالبكاء، فقال: قتل الله قوماً قتلوك، ما أجراهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول،
أما أنت يا بني فقد استرحت من هم الدنيا وغمومها، وسرت إلى روح وريحان وجنّة ورضوان وبقي أبوك لهمّها وغمّها، فما أسرع لحوقه بك، ولدي علي ّعلى الدنيا بعدك العفا.
ابنيّ هل لك عودةٌ *** حتى أقول مسافر
كنت السواد لناظري *** فعليك يبكي الناظر
من شاء بعدك فليمت *** فعليك كنت أحاذر
فإذا نطقت فمنطقي *** بجميل وصفك ذاكر
وإذا سكت فإن في *** بالي خيالك خاطر
يا كوكبا ما كان أقصر عمره *** وكذاك تكون كواكب الأسحار
فعند ذلك خرجت زينب الكبرى من الخيام مسرعة وهي تنادي:
وا ولداه؛ وا مهجة قلباه؛ فجاءت وانكبّت عليه، فجاء الحسين واخذ بيدها وردّها إلى الفسطاط، ثم نادى: يا فتيان بني هاشم هلمّوا واحملوا أخاكم إلى الفسطاط.
وعندما وصل الأب المفجوع، كان الابن قد رحل بعيداً.. بعيداً جداً.. وفي عينيه تلوح قوافل مسافرة.
الجراح النبوية تنزف. ملأ كفّه من ينابيع الحياة، ثم رمى بها إلى السماء.. الرذاذ الأحمر يصّعّد إلى الفضاء اللانهائي.. يتحول إلى نجوم تنبض أملاً، فتهتدي في وميضها قوافل قادمة من رحم الأيام.
فجلس الحسين عند راسه ,فاذ بعلي الاكبر ينظر الى الحسين ويبتسم ثم يبكي.
فلما سئله الحسين عن ذلك قال له:
انما تبسمي لرؤية جدي رسول الله وبيده كِأسه الاوفى
اما بكائي هو لرؤيتي سيدة نساء العالمين وهي تبكي لمصابنا
ثم فاضت روحه الطاهرة
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيد شباب أهل الجنة
السلام عليكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 4:01 pm

المجلس التاسع:

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهمـ والعن أعدائهم
إلى يوم الدين بحق سيدي ومولاي الإمام الحسين.عليه السلام
شبل الإمام الحسن المجتبى عليه السلام كان غلاماً لم يبلغ الحلم. وهو القائل ليلة عاشوراء حين سئل كيف ترى الموت؟ قال:"أحلى من العسل
تمتم التاريخ متعجباً، وهو يرى القاسم بن الحسن.. فتىً لم يبلغ الحلم بعد. يمشي الهوينى.. عليه قميص وإزار،
وفي رجليه نعلان، في يمينه سيف.. يطوّح به يميناً وشمالاً.. يقاتل الذين غدروا.. إنهم لا إيمان لهم
فجاء القاسم بن الحسن وهو غلام لم يبلغ الحلم فقال: يا عم الإجازة لأمضي إلى هؤلاء الكفرة؟ فقل له الحسين:
يابن أخي أنت من أخي علامة وأريد أن تبقى لي لأتسلّى بك، فلم يزل القاسم يقبّل يديه ورجليه حتى أذن له، فقال له الحسين:
يا بني أتمشي برجلك إلى الموت؟ فقال: يا عمّ وكيف لا؟ وأنت بين الأعداء بقيت وحيداً فريداً لم تجد محامياً.
فأركبه الحسين على فرسه فخرج القاسم ودموعه تسيل على خديه وهو يقول:
إن تنكروني فأنا نجل الحسن *** سبط النبي المصطفى المؤتمن
هذا حسين كالأسير المرتهن *** بين أناس لاسقوا صوب المزن
وكان وجهه كفلقة قمر، فقاتل قتالاً شديداً حتى قتل على صغر سنه خمساً وثلاثين رجلاً،
وقيل سبعين فارساً، ،
انقطع شسع نعله اليسرى، فانحنى يشدّه.. غير عابئ بالقبائل تدور حوله كدوّامة ما لها من قرار.
شدّ عليه رجل يلهث، فاستنكر آخر:
- ما تريد من هذا الغلام ؟! يكفيك هؤلاء الذين استوحشوه.
- لأشدّن عليه.
فضربه عمرو بن سعد الأزدي على رأسه فوقع الغلام لوجهه ونادى:
يا عمّاه أدركني،
وهبّ الحسين عاصفة مدمّرة.. إعصار فيه نار. وما أسرع أن هوى العم على قاتل ابن أخيه بسيف مشحون غضباً. وصرخ القاتل لهول الضربة
صيحة سمعها أهل العسكر ثم تنحّى عنه الحسين فحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوا عمرو من الحسين، فاستقبلته الخيل بصدورها وشرعته بحوافرها، ووطأته حتى مات إلى جهنم.
فلما انجلت الغبرة وإذا بالحسين قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه فقال الحسين:
يعز والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا يعينك أو يعينك فلا يغني عنك، بعداً لقومٍ قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة جدّك وأبوك، هذا يوم والله كثر واتره وقلّ ناصره.
ثم احتمله على صدره ورجلاه تخطّان في الأرض خطّاً حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيد شباب أهل الجنة
السلام عليكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 4:06 pm

المجلس العاشر:

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهمـ والعن أعدائهم
إلى يوم الدين بحق سيدي ومولاي الإمام الحسين.عليه السلام
ولما قتل أصحابه وأهل بيته ولم يبق أحد ,عزم على لقاء الله، فدعى ببردة رسول الله فالتحف بها فأفرغ عليها درعه، وتقلّد سيفه واستوى على متن جواده
، ثم توجّه نحو القوم وقال: ويلكم على مَ تقاتلونني؟ على حقٍّ تركته؟ أم على شريعة بدّلتها؟ أم على سنّة غيّرتها؟
فقالوا: نقاتلك بغضاً منّا لأبيك وما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين. فلما سمع كلامهم بكى، وجعل يحمل عليهم وجعلوا ينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر،
ثم رجع إلى مركزه وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فصاح عمر بن سعد: الويل لكم! أتدرون لمن تقاتلون؟ هذا ابن الأنزع البطين هذا ابن قتَّال العرب، احملوا عليه من كل جانب.
فحملوا عليه فحمل عليهم كالليث المغضَّب، فجعل لا يلحق منهم أحداً إلا بعجهُ بالسيف فقتله، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة،
وفي خبر أنه قتل ألفاً وتسعمائة وخمسين رجلاً، فحالوا بينه وبين رحله،
فصاح: ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا.
فناداه شمر: ما تقول يا بن فاطمة؟
قال أقولك أنا الذي أقاتلكم وأنتم تقاتلونني، والنساء ليس عليهن جناح، فامنعوا عتاتكم وجهّالكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّا.
فصاح شمر بأصحابه: تنحّوا عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه، فلعمري هو كفؤٌ كريم، فتراجع القوم.
فنزلت الملائكة من السماء لنصرته فلم يأذن لهم بشيء، ثم التفت يميناً وشمالاً فلم ير أحداً من أصحابه إلا من صافح التراب جبينه وقطع الحمام أنينه، فخاطبهم وعاتبهم فما سمع منهم جواباً.
لما رأى السبط أصحاب الوفا قتلوا *** نادى أبا الفضل أين الفارس البطل
وأين من دوني الأرواح قد بذلوا *** بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا
وخلّفوا في سويد القلب نيرانا
ثم نادى برفيع صوته: هل من ناصر ينصرني، هل من معين يعينني؟ فخرج زين العابدين وهو مريض لا يتمكّن أن يحمل سيفه، وأمّ كلثوم تنادي خلفه ارجع.
فقال: يا عمّتاه ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله.
فقال الحسين: خذيه، لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد.
وفي رواية جاء الحسين واحتمله وأتى به إلى الخيمة ثمّ قال: ولدي ما تريد أن تصنع؟ قال: أبه إن نداءك قطع نياط قلبي، وأريد أن أفديك بروحي، فقال الحسين: يا ولدي أنت مريض، ليس عليك جهاد، وأنت الحجّة والإمام على شيعتي وأنت أبو الأئمة، وكافل الأيتام والأرامل، وأنت الرادّ لحرمي إلى المدينة.
فقال زين العابدين: أبتاه تقتل وأنا أنظر إليك؟ ليت الموت أعدمني الحياة، روحي لروحك الفداء، نفسي لنفسك الوقاء.
ثم ذهب الحسين إلى خيام الطاهرات من آل رسول الله، ونادى: يا سكينة ويا فاطمة ويا زينب ويا أم كلثوم: عليكنّ مني السلام فهذا آخر الاجتماع، وقد قرب منكنّ الافتجاع.
فعلتْ أصواتهن بالبكاء وصحْن: الوداع الوداع، الفراق الفراق، فجاءته عزيزته سكينة وقالت: يا ابة استسلمت للموت؟ فإلى من اتّكل؟
قال: يا نور عيني كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين. قالت: ابه ردّنا إلى حرم جدّنا؟ فقال الحسين: هيهات، لو ترك القطا لغفا ونام.
فبكت سكينة فأخذها وضمّها إلى صدره ومسح الدموع عن عينها وهو يقول:
سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي *** منك البكاء إذا الحِمام دهاني
لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة *** مادام منيّ الروح في جثماني
فإذا قتلت فأنت أولى بالذي *** تأتينه يا خيرة النسوان
ثم إن الحسين دعاهن بأجمعهن، وقال لهن: استعدوا للبلاء واعلموا أن الله حافظكم وحاميكم، وسينجيكم من شر الأعداء ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، ويعذب أعاديكم بأنواع العذاب، ويعوّضكم عن هذه البليّة بأنواع النعم والكرامة، فلا تشكوا ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص قدركم.
ثم أمرهن بلبس أزرهن ومقانعهن،
فسألته زينب عن ذلك، فقال: كأنّي أراكم عن قريب كالإماء والعبيد يسوقونكم أمام الركاب، ويسومونكم سوء العذاب، فنادت زينب: وا جدّاه وا قلّة ناصراه، فشقّت ثوبها ونتفت شعرها ولطمت على وجهها،
فقال الحسين لها: مهلاً يا بنت المرتضى إن البكاء طويل، فاراد الحسين أن يخرج من الخيمة فتعلّقت به زينب، وقالت: مهلاً يا أخي توقّف حتى أتزوّ منك ومن نظري إليك وأودّعك وداع مفارق لا تلاقي بعده.
فجعلت تقبّل يديه ورجليه، وأحطن به سائر النسوة يقبّلن يديه ورجليه، فسكّتهن الحسين، وردّهن إلى الفسطاط.
ثم دعا بأخته زينب وصبّرها وأمرّ يده على صدرها وسكّنها من الجزع، وذكر لها ما أعدّ الله للصابرين، فقالت له: يابن أمي طب نفساً وقرّ عيناً فإنك تجدني كما تحب وترضى.
فقال الحسين: أخيّة إيتيني بثوب عتيق لا يرغب فيه أحد، أجعله تحت ثيابي لئلا أجرّد بعد قتلي، فإني مقتول مسلوب، فارتفعت أصواتهنّ بالبكاء، فأتي بتبّان، وهو ثوب قصير ضيّق، فقال: لا، ذاك لباس من ضربت عليه الذلّة، فأخذ ثوباً خَلِقاً فخرقه وجعله تحت ثيابه فلما قتل جرّدوه منه.
ثم نادى الحسين هل من يقدم إليّ جوادي؟ فسمعت زينب فخرجت وأخذت بعنان الجواد وأقبلت إليه وهي تقول: لمن تنادي وقد قرحت فؤادي.
فعاد الحسين إلى القوم فحمل عليهم وكانت الرجال تشدّ عليه فيشدّ عليها، فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا حلّ فيها الذئب، حمل على الميمنة وهو يقول:
الموت خير من ركوب العار *** والعار أولى من دخول النار
وحمل على الميسرة وهو يقول:
أنا الحسين بن علي *** آليت أن لا أنثني
أحمي عيالاتُ أبي *** أمضي على دين النبي
فجعلوا يرشقونه بالسهام والنبال حتى صار درعه كالقنفذ، فوقف ليستريح ساعة وقد ضعف عن القتال فبينما هو واقف إذ أتاه حجرٌ فوقع على جبهته،
فاخذ الثوب ليمسح الدم عن عينه فأتاه سهم محدّد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم في صدره على قلبه،
فقال الحسين: بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: الهي إنك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن نبيّ غيره.
ثم أخذ السهم وأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده على الجرح فلما امتلأت دماً رمى به إلى السماء، ثم وضع يده على الجرح ثانياً فلما امتلأت لطّخ به رأسه ولحيته وقال هكذا أكون حتى ألقى جدّي رسول الله وأنا مخضوب بدمي أقول: يا رسول الله قتلني فلان وفلان.
فعند ذلك طعنه صالح بن وهب على خاصرته طعنة، فسقط عن فرسه على خده الأيمن وهو يقول: بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله، ثم جعل يجمع التراب تحت يده كالوسادة فيضع خدّه عليها ثم يناجي ربّه قائلاً:
صبراً على قضائك وبلائك، يا رب لا معبود سواك، ثم وثب ليقوم للقتال فلم يقدر، فبكى بكاءاً شديداً،
فنادى: وا جدّاه وا محمّداه، وا أبتاه وا عليّاه، وا غربتاه وا قلّة ناصراه، ءأقتل مظلوماً وجدّي محمد المصطفى؟ ءأذبح عطشانا وأبي عليّ المرتضى؟ ءأترك مهتوكاً وأمي فاطمة الزهراء؟
ثم خرجت زينب من الفسطاط وهي تنادي: وا أخاه، وا سيداه، وا أهل بيتاه، ليت السماء أطبقت على الأرض، ليت الجبال تدكدكت على السهل، اليوم مات جدّي اليوم ماتت أمي.
ثم نادت: ويحك يابن سعد أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟ فلم يجبها عمرو بشيء، فنادت: ويحكم أما فيكم مسلم؟ فلم يجبها أحد.
ثم انحدرت نحو المعركة وهي تقوم مرّة وتقعد أخرى، وتحثو التراب على راسها حتى وصلت إلى الحسين فطرحت نفسها على جسده وجعلت تقول:
ءأنت الحسين أخي؟
ءأنت ابن أمي؟
ءأنت حمانا؟
ءأنت رجانا؟
والحسين لا يرد عليها جواباً، لأنه كان مشغولاً بنفسه، فقالت: أخي بحق جدّي إلا ما كلّمتني، وبحق أبي أمير المؤمنين إلا ما خاطبتني، يا حشاش مهجتي كلّمني يا شقيق روحي، ففتح الحسين عينه. فعند ذلك جلست زينب خلفه وأجلسته حاضنة له بصدرها، فالتفت إليها الحسين وقال: أخيّة كسرتِ قلبي وزِدتني كرباً فوق كربي، فبالله عليك إلا ما سكتِ وسكنتِ.
فصاحت: وا ويلاه يابن أمي كيف اسكن واسكت وأنت بهذه الحالة تعالج سكرات الموت؟
روحي لروحك الفداء، نفسي لنفسك الوقاء.
فخرج عبد الله بن الحسن وهو غلامٌ لم يراهق من عند النساء، فشدّ حتى وقف إلى جنب عمّه الحسين، فلحقته زينب بنت علي لتحسبه، فقال لها الحسين: احبسيه يا أختي فابى وامتنع عليها امتناعاً شديداً وقال: والله لا أفارق عمي، واهوى أبحر بن كعب إلى الحسين بالسيف فقال له الغلام: ويلك يابن الخبيثة أتقتل عمّي فضربه أبحر بالسيف فأتقاه الغلام بيده وأطنّها الى الجلد فإذا هي معلّقة، ونادى الغلام: يا عمّاه يا أبتاه فأخذه الحسين فضمّه إليه وقال: يابن أخي صبراً على ما نزل بك واحتسب في ذلك الأجر فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين فرماه حرملة بسهم فذبحه في حجر عمّه الحسين.
ثم ضرب الشمر اللعين زينب بنت علي بكعب الرمح فغابت عن الوعي
ثم صاح عمر بن سعد بأصحابه: ويلكم إنزلوا وحزّوا رأسه، وقال لرجل: ويلك إنزل إلى الحسين وأرحه. فأقبل عمرو بن الحجاج ليقتل الحسين فلمّا دنى ونظر إلى عينيه ولّى راجعاً مدبراً، فسألوه عن رجوعه؟ قال: نظرتُ إلى عينيه كأنهما عينا رسول الله
. واقبل شبثُ بن ربعي فارتعدت يده ورمى السيف هارباً، فعند ذلك أقبل شمرٌ وجلس على صدر الحسين ووقعت المصيبة الكبرى التي يعجز القلم عن وصفها.
يا قتيلاً قوّض الدهر به *** عمد الدين وأعلام الهدى
قتلوه بعد علم منهم *** إنه خامس أصحاب الكسا
وا صريعاً عالج الموت بلا *** شدّ لحيين ولا مدّ ردا
غسّلوه بدم الطعن وما *** كفّنوه غير بوغاء الثرى
ثم قامت العقيلة زينب, نظرت الى الافق
واذا برأس ابن النبي يرتفع فوق رمح طويل.. يتطلع إلى آخر الدنيا، ويقرأ سورة الكهف.
ألا لعنة الله على القوم الظالمين
جثت زينب عند مصرع آخر الأسباط، الجسد الممزق ساكن بلا حراك. لقد غادرت الروح التي دوّخت القبائل. دست زينب يديها تحت جسد أخيها.. رفعت بصرها إلى السماء.. إلى الله.. وتمتمت بعينين تفيضان دمعاً:
- تقبلْ منا هذا القربان... يا إلهي.
وألقت ((سكينة)) بنفسها على جسد أبيها العظيم واعتنقته، وغمرتها حالة من الاستغراق. كانت تصغي إلى صوت ينبعث من أعماق الرمال.. همهمة سماوية عجيبة تشبه صوت والدها الراحل:
- شيعتي ما إن شربتم عذب ماء فاذكروني.
أو سمعتم بغريب أو شهيد فاندبوني.
لملمت القبائل خزيها.. عارها الأبدي تريد العودة إلى الكوفة.. و((سكينة)) ما تزال تتشبت بالجسد المضمخ بالدم.
هجم الأعراب من القبائل وجرّوها بعنف وراحوا يكعونها برؤوس الرماح حتى استوت على ناقتها.
عشرون امرأة ثكلى، وفتى عليل، وأطفال يتامى مذعورون، هو كل ما غنمته القبائل في أطول يوم في التاريخ. أما الرؤوس فقد راحت تتسابق فيها الخيل بشرى إلى الأرقط حاكم المدينة المشهورة بالغدر.
غادرت القبائل شواطئ الفرات.. تركته وحيداً يتلوى في الصحراء كأفعى حائرة.
بامان الله يا سيدي ويا مولاي يا ابا عبدالله
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيد شباب أهل الجنة
السلام عليكم
السلام عليك يا سيدي ويا مولاي يا ابا عبدلله الحسين
وعلى الارواح التي حلت بفنائك
عليك مني سلام الله ابدا ما بقيت وبقي اليل والنهار
ولا جعله الله اخر العهد مني لزيارتكم
السلام على الحسين
وعلى علي ابن الحسين
وعلى اولاد الحسين
وعلى اصحاب الحسين
وعلى ابا الفضل العباس والعقيلة زينب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحر الروحي
..::مشرف قسم حزب الله::..
..::مشرف قسم حزب الله::..
الحر الروحي


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 28/11/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 4:30 pm

تم بحمد الله تعالى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ABU HADI
..::المدير العام::..
..::المدير العام::..
ABU HADI


ذكر
عدد الرسائل : 170
العمر : 36
الإقامة: : الجنوب اللبناني الأبي و الشريف و الوفي
المهنة: : طالب القرب
هوايات: : التصميم
تاريخ التسجيل : 13/05/2007

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالجمعة أبريل 04, 2008 4:41 pm

بارك الله،

تم التثبيت!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.3hx3h.tk
المساعد
..::مشرف المنتدى العسكري::..
..::مشرف المنتدى العسكري::..
المساعد


ذكر
عدد الرسائل : 92
العمر : 34
الإقامة: : الضاحية الجنوبية
المهنة: : طاه
هوايات: : الكراتيه
تاريخ التسجيل : 22/04/2008

مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت   مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت Emptyالخميس أبريل 24, 2008 3:05 pm

مشكور اخي على المجالس
أللهم العن من ظلم أهل البيت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مجالس عاشوراء العشرة-حصري و مثبت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الإمام علي الرضا (ع) :: منتديات عشاق الحسين >>المنتديات الدينية :: منتدى عـــــاشـــــــوراء-
انتقل الى: